عندما رجع اخوة يوسف وقالوا لأبيهم ((قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) )) يوسف : 17
رد عليهم وبكل حكمة وعقلانيه ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18))) يوسف : 18
وعندما رجعوا من مصر وابلغوه بأنهم قد فقدوا ايضاً اثنين من اولاده ( بنيامين وروبيل) وعلى مافيه من همٍ وحزن على يوسف قابلهم بنفس الرد ((قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ عَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83))) يوسف : 83
فعجباً لصبر يعقوب عليه السلام ، فلم يصبر وحسب، بل صبر وتجمّل في صبره رغم فقده في المرة الاولى يوسف عليه السلام، وزيادة على همه وحزنه فقد اتاه خبر فقده ولدين من اولاده بعد فتره من الزمن، ورغم ذلك تمسك بأعلى مراتب الصبر وماتغير موقفه، فما معنى صبر جميل؟؟
عن حبان بن أبي جبلة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : { فصبر جميل } قال : صبر لا شكوى فيه.
قيل : إن الصبر الجميل هو الصبر الذي لا جزع فيه.
وقال مجاهد : { فصبر جميل } قال : ليس فيه جزع.
وقال يحيى بن معاذ : الصبر الجميل أن يتلقى البلاء بقلب رحيب ووجه مستبشر.
وقال الترمذي : هو أن يلقى العبد عنانه إلى مولاه ويسلم اليه نفسه مع حقيقة المعرفة فاذا جاء حكم من أحكامه ثبت له مسلما ولا يظهر لوروده جزعا ولا يرى لذلك مغتما.
وقال الثوري : ثلاث من الصبر : أن لا تحدث بوجعك ولا بمصيبتك ولا تزكي نفسك.
لذلك قال يعقوب عليه السلام (( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (86) )) يوسف : 86
فلم يلم احد على فقده لأبناءه، بل جعل شكواه خالصة لله تعالى.
فما أحوجنا اليوم للصبر على النوازل وقد ادلهمت وكثرت حولنا، كما قال الشاعر:
واصـــبر لكل مصيبة وتجلد ### واعـــــــلم بأن المرء غير مخلد
أومــا ترى ان المصائب جمة ### وترى المنية في العباد بمرصـــد
من لم يصب ممن ترى بمصيبة ### هذا سبيل لست عنه بأوحد
((اللهم ارزقنا الصبر واجرنا عليه))
منقول