الزواج مشاركة بين الزوجين في الحياة الزوجية بحقوقها ومسؤولياتها، فلكل منهما حقوق وعلى كل منهما واجبات، وكل مفضل بأمور لا توجد عند الآخر، فهما مكملان لبعض، متعاونان على تأسيس البيت المسلم ورعايته "كلكم راع"، "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ".
إن مسألة الحقوق والواجبات التي رسمها الإسلام وقدر الاشتراك والتساوي بين الزوجين في الحياة الزوجية أثبتها القرآن الكريم والسنة الشريفة ولم تترك للأهواء الشخصية. وهذا أمر مثبت بالرغم من أن البعض يروج إلى أن النص الديني عندما يتصدى للحديث عن قضايا تتعلق بالمرأة أو عن صفاتها ومكونات شخصيتها أو عن حقوقها وواجباتها، فإنه يتصدى للحديث عن كل ذلك على أساس نزعة ذكورية، فكأنما الخطاب الديني يحابي الرجل وكأنما المرأة في الطرف المقابل والمتحدث عنها مقهورة بكثرة الواجبات التي عليها مع قلة الحقوق الواجبة لها، وهذا ما يبرر - في اعتقادهم - محاباة النص الديني للرجل وتصنيف المرأة في سياق دوني من موقع الرجل.
فالواجبات والحقوق بين الطرفين ليست قائمة على معيار الكثرة والعدد، وإنما على تخصيص كل منهما بحقوق وواجبات حسب طبيعتهما التي خلقوا بها.
فمثلاً يجب على الزوج أن يتميز بصفات حسنة مثل الصدق والصراحة وأن يحسن معاشرة زوجته فيكون لطيفاً بها مكرماً لها في نفسها وفي أهلها وفي كل مالها، وأن يكون خير الأزواج لأن خير الأزواج هو خيرهم لأهله ولا يكرم النساء إلا الكريم ولا يهينهن إلا اللئيم. أن يكون معتدل الغيرة, فلا يترك العنان لظنونه ولا يتجسس ولا يبالغ في الريبة، يحسن الحديث مع زوجته فيكلمها برقة وتهذيب ويقدر ويحترم رأيها. كما يجب عليه الإنفاق على أهله في اعتدال فلا يسرف ولا يبخل وأن يتمثل بالمثل الأعلى للأزواج المصطفى صلى الله عليه وسلم في مثاليته وبساطته مع زوجاته صلى الله عليه وسلم.
أما ما يجب على الزوجة هو أن تسعى لأن تكون زوجة مثالية فتحب زوجها حباً حقيقاً سامياً يترفع عن الرغبات الدنيوية، فتكون خير صاحب وخير معين على الخير، أن تكون وفية لزوجها فتحتفظ بحبها له وأن تحافظ على حرمة الحياة الزوجية وتأنف من تسرب أسرارها ولا تسمح لأحد من التدخل في حياتها. وأن تكون كذلك طيبة المعشر حلوة اللسان تنتقي الكلام الطيب وتبتعد عن بذاءة الكلام حتى لاتدمي قلب زوجها. وهي التي تعتني بصحتها ولياقة بدنها ولا تكثر التشكي من الأمراض، فالرجل يحب المرأة المتعافية، وهي التي تعي الأوليات في حياتها، فلا تقدم أمراً على آخر إلا بحسب أهميته.
أما ما ركز عليه الكثير من العلماء هو طاعة الزوجة لزوجها فيجب عليها أن تعمل على مبدأ حسن الطاعة الذي يعني الاستجابة لأمر الزوج إذا أمر بالمعروف فيجب أن تكون الطاعة نابعة من القلب، وفيما يرضي الله سبحانه وتعالى فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف" (رواه مسلم). وهذا الحديث يدل على وجوب طاعة المرأة لزوجها وهي مأجورة على هـذا العمل وطاعة الزوج من طاعة الله عز وجل. ومن قبيل الطاعة أن تحفظ زوجها في غيبته فـلا تدخل أحداً إلى بيته، وتحفـظ ماله فلا تنفق منه إلا في المعروف، فقد قال تعالى: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} (سـورة النساء الآية 34). وهي التي تتخذ من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابيات مثالاً تقتدي به، وتستفيد من تجارب الغير وتصغي إلى نصائح من يريد إسعادها.
بتكامل هذه الصفات بين الزوجين وإذا استطعنا أن نضمن أن أمر الأسرة يتم دائماً بالتشاور فيما بين الزوجين، فإننا نكون قد وصلنا إلى أسرة سعيدة ومستقرة. فأمانة هذا البيت السعيد يحملها الزوجان وبهما تنطلق مسيرة هذا البيت، فإذا استقاما على منهج الله قولاً وعملاً وتزيناً بزينة النفوس ظاهراً وباطناً. وتجملا بحسن الخلق والسيرة الطيبة أصبح هذا البيت المأوى الآمن ومنبعا للسكينة والراحة والطمأنينة، وأصبح منطلقاً لبناء جيل صالح يبدأ بصلاح واتفاق الزوجين.
الرئيسية 
الإثنين مارس 05, 2007 6:50 am
